لا يأتون بمثله

nephrons
5 min readJan 22, 2021

--

ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا

لا يأتون بمثله

مضى على التحدي الخالد الذي تحدى به الله سبحانه جميع خلقه على أن يأتوا بسورة من مثل كتابه الكريم تحاكي أسلوب ورفعة سوره قرون عديدة ولم يتحقق، وإذن بالضرورة فلن يتحقق مصداقا لقوله سبحانه

لم تفعلوا ولن تفعلوا

وذلك لفوات الفرص مع طول الزمن بالرغم من الحاجة الماسة من ناحية، ولوجود ملايين الكتب العربية المطبوعة اليوم والتي يسهل اختبارتشابهها فيما بينها من جهة، فيسهل إيجاد التشابه والتماثل في حين يستحيل عند مقارنتها بالقرآن الكريم من جهة ثانية، وبذلك يتحقق إعجاز التحدي بالدليل، وهذه المسألة العجيبة تطرح تساؤلات مشروعة عن سر تميز وهيمنة القرآن الكريم على ما دونه من الكتب نحاول في هذه العجالة سبرغورها وبيان كنهها والله الموفق

عانى ويعاني من حاول ومن يحاول تقليد القرآن الكريم بالضرورة من عقبتين رئيسيتين لا يمكن تجاوزهما وبالتالي العجز عن مواجهة التحدي وهما الحاجز اللغوي والحاجز الشخصي كما هو مبين بالشكل التالي

تجاوز القرآن الكريم للعقبات الشخصية واللغوية البشرية

تتباين اللغات في قدراتها ووفرة وليونة كلماتها حيث تتربع اللغة العربية على رأس الهرم في قدراتها وغزارة مفرداتها ومترادفاتها وبالرغم من ذلك فهي تعاني من عجزملحوظ في التعبيرعن كل دقائق طيف المعاني والمشاعر الإنسانية الواسع، فمثلا نستخدم كلمة واحدة (جميل) لوصف عدة أحاسيس أو مشاعر دون القدرة على التمييز بينها (منظر جميل، قصة جميلة، لحن جميل) أو رائحة طيبة لمجموعة من الورود (فل، ياسمين، زنبق) فالروائح مختلفة وتعجز اللغة عن التمييز بينها بكلمة طيبة، أضف إلى ذلك العجز البشري الشخصي حتى لدى أعظم الأدباء من الإحاطة بكل ما توفره له اللغة من قدرات وإمكانيات واسعة، وهذا ما يتميزوينفرد به القرآن الكريم من براءة وسلامة من هاتين الآفتين، وذلك للعلم المطلق الواسع المحيط للخالق سبحانه بكل دقائق اللغة (فلا حاجز شخصي)، وباستخدامه أساليب ووسائل فريدة بديعة متعددة يمتاز بها القرآن الكريم لإغناء النص فيتجاوزحدود الحاجز اللغوي ويتعوض قصوراللغة في التعبير عن المعاني والمشاعر البشرية (فلا حاجز لغوي)، ولندلل على ذلك ببعض الأمثلة التي تظهر قدرات اللغة العربية وتنوع معاني مفرداتها واستحالة الإحاطة بها جميعا

فما هي اللغة غير العربية التي تحوي أكثر من 500 اسم للأسد

كما أن للأفعى مثلا قرابة 200 اسم لكل منها معناه المتميز(مثل الاستخدام الدقيق لكلمتي الحية والثعبان في قصة موسى عليه السلام وما له من دلالة وفرق جوهري في تصوير المشاهد)

ففي مشهد الخوف والرهبة والتيه في ليل الصحراء البارد الموحش وعند اللقاء الأول المنفرد كانت الحية الصغيرة التي تسعى بعيدا لشأنها لكي لا تثير هلع موسى عليه السلام، ولكن عند مشهد التحدي والقوة أمام الفرعون المتجبر الطاغي في حضرة جنده وحاشيته كان الثعبان عظيما مرعبا يوشك أن ينقض على فريسته، وللقارىء الحكم على النص كيف كان لو أننا اكتفينا بلفظ أفعى في الحالتين بدل حية وثعبان؟

فمن هذه الأمثلة يتبين كم تتفوق اللغة العربية على سائر اللغات بكم هائل من المفردات التي ظاهرها التماثل والترادف وباطنها الاختلاف الدقيق والذي قد يَخْفى على معظم الناس، ولكن في كتاب الله الكريم لا ترادف بدون هدف فإن كل كلمة إنما وضعت في مكانها بدقة متناهية يستحيل معها تغييرها بكلمة مشابهة دون الإخلال بالمعنى الدقيق المراد منها، فمثلا كلمتا الوالد والأب وردتا في القرآن في آيات مختلفة ولا يمكن التبادل بينهما دون الإخلال بالمعنى، وكذلك مترادفات الأمهات والوالدات

رابط للمزيد من بحث الرسم القرآني دليل علمي ملموس على أن القرآن الكريم هو كلام الله الحرفي المعجز المحفوظ

أما عن تجاوزالقرآن الكريم لعقبة قصوراللغة باستخدام أساليب بديعة لإغناء المعاني فهذا باب واسع جدا نذكر عددا منها للمثل لا للحصر

  • تميز نسخته المكتوبة (الكتاب) بالرسم القرآني وما له من عجائب وفرائد
  • تميز نسخته المقروءة (القرآن) بأحكام التلاوة وما لها من دلالات صوتية وإيقاعية عميقة
  • استخدامه الغزير لأساليب البيان والبديع والاحتباك والالتفات والحذف والايجاز والتقديم والتأخير والاستعارة والتضمين وضرب الأمثال وأساليب القصة القصيرة منها والطويلة والتكراروغيرها، ولذلك فإن شرط الإتيان بمثله لمواجهة التحدي إنما يكون بكتابة نص جديد بمواضيع وأفكار جديدة، وباستخدام بعض أو جميع الأساليب المذكورة أعلاه ببراعة تضاهي نظم القرآن الكريم، وذلك لأن كل المحاولات السابقة البائسة للإتيان بمثله إنما اعتمدت على نسخ ولصق آيات منه بعد تحريفها بشكل معيب مشوه ولم نر بها من مظاهر التفوق اللغوي القرآني كأساليب الاحتباك والالتفات وغيرها والتي هي مناط التميز والتفرد، هذا وبالله التوفيق وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

لفهرس المواضيع الرجاء الضغط هـــــــــــــــنــــــــــــا

****************

--

--

No responses yet