ومن أساليب الإلتفات البديعة في آيات القرآن الكريم ما يتجلى في قوله تعالى من سورة البقرة في الآية 177
حيث يبدأ الخطاب بصيغة الجمع المخاطب لأن الكلام عن القبلة (تولوا وجوهكم) والتحول عنها والخلاف حولها بين المسلمين وأهل الكتاب كما في سياق الآيات السابقة فهو أمر يهم الجميع كما أن الكل يتجه إلى القبلة في وقت واحد عند أداء الصلاة وهي شعار للجماعة ولوحدة الأمة فناسب ذلك صيغة الجمع، ولكن سرعان ما يحدث الإلتفات ويتغير النص الظاهر باللون الأخضرإلى صيغة المفرد الغائب عندما يبدأ الكلام عن قضايا غاية في الفردية والخصوصية كالإيمان بالله سبحانه وبأركان الإيمان الغيبية، أوبالعبادات الفردية التي هي من فروض العين كأداء الصلاة وإيتاء الزكاة، ثم يعود النص الظاهر باللون الاصفر من جديد إلى صيغة الجمع عند وصف جماعة المؤمنين بالوفاء بالعهود والمواثيق، وبالصبر في مواقف الشدة العامة كالحروب والأزمات والمجاعات، ويصفهم بالصادقين المتقين لتحقق تلك الصفات بهم، فسبحان الله العظيم على دقة نظم كتابه وجمال وسلاسة أساليبه البيانية التي لا نعهدها في كلام البشر مهما أوتوا من بلاغة وفصاحة وبيان
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين