طريق الهداية، والإعجاز البياني والصوتي الإيقاعي للقرآن الكريم

nephrons
4 min readMar 24, 2021

--

إضافة حرف دال مشدد للكلمة ودلالاته (يهدي، يَهِدِّي)

معضلة مفهوم الهداية والمعادلة والحل البسيط لها في الحديث القدسي الشريف

كانت ومازالت الهداية بمفهومها الديني الشرعي من أبرز أبواب الجدل حول كون الإنسان حرا مخيرا أم مجبرا مسيرا، حيث يستشهد أنصار الفريقين بالكثير من الأدلة والشواهد ومن آيات القرآن الحكيم، وبعيدا عن الخوض في هذا الجدل فهو ليس من أهداف هذه الشذرة، فالحديث القدسي أعلاه يحسم هذا الجدل ببيان أن للمعادلة البسيطة طرفان عبد يرغب ويسعى ويطلب، ورب كريم يسمع ويجيب ويوفق للهداية، وفي الحديث القدسي الشريف من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، وكل الطرق غير هذا الطريق إلى هذه النعمة والغاية العظمى مؤصدة ولا سبيل إليها، ولذلك جعل الله سبحانه أول دعاء في القرآن الكريم في الفاتحة وأم الكتاب والتي يكررها المسلم في اليوم والليلة مرات بعد مرات -اهدنا الصراط المستقبم- وهذا الدعاء وحتمية الإستجابة له بأسبابه يؤيده الحديث القدسي أعلاه

ولندرك استحالة الهداية بغير هذا الطريق ولنظهر جانب الإعجاز البياني المبهر للقرآن الكريم الذي هو غاية هذه المقالة نسوق وندرج بعض الأمثلة من الذكر الحكيم

الآية 46 من سورة مريم

بعد جولات ومحاولات وحوارات عديدة تقررالآية 46 من سورة مريم عجز أبو الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام من أن يهدي أباه وهو أقرب الناس إليه بالرغم من شديد حرصه ورغبته بهدايته إلى طريق الحق، فكانت النتيجة الوصول إلى القطيعة والتهديد ونقطة اللاعودة

سورة هود الآية 43

كما تقرر آيات سورة هود أعلاه عجزنوح عليه السلام عن هداية وانقاذ ولده وأقرب الناس اليه بالرغم من تحقق الوعيد ومعاينة ابنه للطوفان المنتظروقد هلك الإبن على ملة الكفر

كما تقررالآيات الكريمة من سورتي العنكبوت وهود أعلاه عجز نوح عليه السلام عن هداية قومه إلا قليلا منهم بالرغم من طول مدة الدعوة وتنوع أساليبها

كما تقرر الآية العاشرة من سورة التحريم عجز نوح ولوط عليهما السلام عن هداية إمرأتيهما وهلاكهما على ملة الكفر

وأما الآية 56 من سورة القصص فتقررعدم قدرة المصطفى وسيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم على هداية ناصره وكفيله وأحب الناس إليه عمه أبوطالب، وتعلل السبب

وكل هذه الشواهد تعيدنا الى الحديث القدسي المذكور

فطريق الهداية متعذر ووعر على كل البشر، ولكنه سهل يسير وقريب، وعلى بُعْد دعوة مستجابة من رب البشر سبحانه وتعالى، وكل هذه الأمثلة والمعاني والدلالات اختزلها الخطاب القرآني المعجز الفريد بتشديد حرف الدال في كلمة يهدي في الآية الكريمة التالية من سورة يونس عليه السلام والتي تكررت فيها كلمة يهدي بدون تنقيط حسب الرسم الأول للقرآن الكريم خمس مرات

هذه الإضافة للشدة لحرف الدال لمضاعفته وما ترتب عليه من دلالات ومعاني غير معروف وغير مسبوق في أدبيات البشر ولغاتهم كما أنه مستحدث وليس من الرسم القرآني الثابت بل هو من الضبط القرآني المصطلح عليه وبذلك لا يظهر الفرق بين الكلمتين بالرسم القرآني الأول كما هو ظاهر بالشكل التالي

وإنما يظهر ويتأكد الفرق بالنسخة الصوتية المتلوة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم

نلاحظ كيف تُظهر التلاوة سلاسة وسهولة نطق كلمة الهداية الاولى عندما نسبت الى الله سبحانه في حين نجد ثقلها وشدتها وطولها واضطرار بعض المقرئين للتوقف عندها لتكرارها وذلك عندما نفت الآية الكريمة قدرة البشر على الهداية إلا أن تكون بتوفيق من الله سبحانه

كما نلاحظ لطيفة من لطائف الرسم القرآني متوافقة ومتكاملة وذلك باستخدام حرف اللام فقط (يهدي للحق) للدلالة على سهولة وسرعة تحقق الهداية والتصاقها عندما كانت من الله سبحانه، في حين تم استخدام ثلاثة أحرف (إلى الحق) للدلالة على طول الطريق وصعوبة ومشقة الوصول للهداية من لدن البشر

فسبحان الله العظيم الذي هذا هو كلامه البليغ، المتفرد بمظاهر الجمال والكمال والله سبحانه أعلم وأحكم والحمدلله رب العالمين

لفهرس المواضيع الرجاء الضغط هـــــــــــــــنــــــــــــا

^^^^^^^^^^^^^^^

--

--

No responses yet