أسرار ولطائف سورة العاديات

nephrons
2 min readMay 13, 2022

--

سورة العاديات

هي السورة رقم 100 في ترتيب المصحف الشريف، وهي من قصار السور وقد حار الكثيرون في تفسيرها وأشكلت عليهم دلالاتها حتى طعن بها أعداء الإسلام سفها وجهلا، فنسبوا نصفها الأول لسجع الكهان، وظنوه منقطعا لا يرتبط بما أتى من بعده من آيات

والحقيقة أن هذه السورة الكريمة هي من أجمل وأبلغ وأعظم سور القرآن الكريم، وفيها أجمل الأمثال مسطور بأروع بيان، متضمنا أعظم عتاب للإنسان الجاحد لمولاه وخالقه، وإنما أخفاه الله بلطفه لحكمة، وليعلمه من له حظ من التدبر والتأمل في كتاب الله العظيم

تبدأ السورة بصيغة القسم المؤكد حيث يقسم الله سبحانه بالعاديات التي هي محور السورة ومضمونها، وهي الجياد المسرعة بحيوية فائقة، فتملئ المشهد من بدايته بمؤثرات تصويرية حركية وبمؤثرات صوتية وكأنك حين تتلوها ترى أمامك مشهدا حيا لمجموعة من الجياد وقد امتطى صهوتها الفرسان في ساحة معركة، حيث تنطلق هذه الجياد في الصباح الباكر، وتعدوا بفرسانها بأقصى سرعتها وطاقتها حتى تسمع صوت ضباحها وهو اللهاث من شدة وطول الجري، وترى الشرر ينقدح من تحت إقدامها وهي تضرب الصخر بقوة فتثير الغبار في الساحة من حولها، فتتوسط جمع الأعداء منذرة بالهلاك، مخاطرة ومضحية بحياتها، ولكن من أجل ماذا؟ ما الذي دفعها لهذا؟؟ هي إنما تفعل ذلك فقط إخلاصا وولاء وإرضاء لسيدها ومالكها، لأنه يرعاها ويطعمها ويسقيها، تعدوا في الصباح الباكر بأقصى طاقتها حتى تسمع لهاثها، لا تتردد ولا تتراجع ولا تنكث ولو كان في ذلك حتفها وهلاكها، ولاء لسيدها من أجل حفنة شعير وشربة ماء كان يطعمها إياها مالكها وراعيها

وهنا فجأة يتغير الأسلوب والجرس حيث تتوسط السورة هذه الآية المحورية وهي جواب القسم (إن الإنسان لربه لكنود)

يا له من مثل مخجل مبكي!! أين هذا الإنسان الجاحد الكنود لربه من هذا الحصان الوفي المخلص لمولاه؟ فمن الناس من ينكر ويجحد ويكفر بمولاه ابتداء لا يلقي بذلك بالا، ومنهم من يبذل القليل ويتردد ويفتر ويجادل ويمن بالفتات، وذلك مع الفارق الشاسع بين فضل الخالق على عباده وفضل الفارس على جواده، إضافة إلى فارق حتمية رجوع الانسان في مآله إلى خالقه للحساب والجزاء

لا شك أن المؤمن الحق يقشعر جلده ويسيل دمعه وهو يتأمل هذا المثل مستشعرا تقصيره في حق خالقه ومولاه المنعم عليه بنعم الإيجاد والإمداد والهداية والرشاد، يا لعار الإنسان الجاحد الكنود وجواد أصيل أخلص وأوفى لسيده منه ولا حول ولا قوة إلا بالله

وبذلك يتبين لنا رفعة الاسلوب البلاغي في هذا العتاب الإلهي للإنسان المعرض المنكر الجاحد فهل من مدكر؟

والله أعلم وأحكم والحمدلله رب العالمين

لفهرس المواضيع الرجاء الضغط هـــــــــــــــنــــــــــــا

--

--

No responses yet