من النعم الخفية التي لا يشعر بها عامة الناس نعمة ضوضاء الهدوء أو ما هو متعارف عليه بالجو الهادئ والذي هو بحقيقة الأمر صوت خافت مستمر بالخلفية ولا ينقطع من مصادر متعددة وتقدر درجته ب 30 ديسيبل (الديسيبل هو وحدة قياس شدة ارتفاع الصوت)، وهذا الصوت المعادل للهدوء السائد في المكتبات العامة هو في الحقيقة أشد ارتفاعا بألف درجة من الهدوء المطلق و شدته صفر ديسيبل، والذي لا يوجد عمليا إلا في غرف دراسات الصوت العلمية وهي فائقة العزل الصوتي، ومن ثم يدرك الإنسان عظمة نعمة ضوضاء الهدوء هذه إذا قدر له أن يمضي ساعة من الزمن في غرفة الهدوء المطلق حيث تصبح أصوات خفقات قلبه، وجريان نفسه، وانقباضات أمعائه مسموعة لدرجة الإزعاج ولو استمر به المقام بهذه الغرفة لسويعات قليلة لأصيب بانهيار عصبي نفسي لا يحتمل
فالحمدالله على جميع نعمه العظيمة ما علمنا منها وما لم نعلم ومنها نعمة ضوضاء الهدوء هذه التي لم تخطر لنا يوما على بال والتي لولاها لما طاب لنا نوم في ليل أبدا
أما ما يختص بالإعجاز العلمي الغيبي للصوت في القرآن الكريم فله وجهان، الأول هو إهلاك الأمم الظالمة بالصيحة ويا لها من صيحة، وأما الوجه الثاني الأعجب فهو ضرورة سبق نهاية البداية أو ما يعرف بالحياة الدنيا يوم القيامة، وبداية النهاية وهي البعث والنشور للدارالآخرة بنفخ الملك إسرافيل في الصور مرتين، وما أدراك ما هذا الصورأوالناقور؟ ولنبين هذه الأسرار فيما يلي
الصيحة: من حقائق القرآن الكريم الثابتة تكرر إهلاك الأمم الظالمة بالصيحة والتي ذكرت بمجموعها أكثر من عشر مرات في حق أقوام لوط وشعيب وثمود قوم صالح وأصحاب الحجر، وهذه الحقيقة القرآنية الدامغة ما زالت غيبا حتى في يومنا هذا يجهلها جل الناس إلا قلة نادرة من المتخصصين وذلك لأن شدة ارتفاع الصوت المؤدية للوفاة تتجاوز القدرة الإنسانية الحالية لإصدار هكذا صوت بدرجة تفوق 200 ديسيبل فمن أين لبشر في عصر الجاهلية الأولى أن يعرف هذه الحقيقة ويؤكدها مرارا وهي لم تكن قط مشهودة إلا أن تكون وحيا من لدن العليم الخبير؟
الصُّور: أما نفخة الصور أو الناقور فهذه أعجب وأغرب ويكفي أن تبحث بمحرك البحث غوغل عن
“1100 dB (disciple)”
حتى تتفاجأ بمواضيع ومعادلات وأرقام عجيبة تصف شدة هذا الصوت والذي يمكن أن يؤدي لعظمته إلى ابتلاع الكون كاملا في ثقب أسود أو حتى أن تؤدي الطاقة الناجمة عنه إلى نشوء كون جديد؟؟
غريب حقا أن يفسر العلم الحديث لنا رموزا دينية كالصيحة والتي تمت دون الاستعانة بمكبر للصوت ومن قِبل جبريل عليه السلام ذو الحجم الضئيل نسبيا إذا ما قورن بإسرافيل عليه السلام العظيم البنية والذي استخدم ذاك الصورالهائل الحجم لتضخيم ورفع شدة الصوت لدرجة 1100 ديسيبل والنفخ في الصور للمرة الأولى كإشارة لبدء يوم القيامة، والنفخ فيه الثانية للصعقة والثالثة للقيام من القبور إلى يوم البعث والنشور!! فمن أين لبشر أن يتخيل هذا ويرويه في الآيات الأولى للتنزيل (فإذا نقر في الناقور: المدثر) قبل عشرات القرون لولا أن هذا من عند علام الغيوب سبحانه وتعالى!؟
هذا والله سبحانه أعلم وأحكم والحمدلله رب العالمين