تكامل الاعجاز التاريخي الغيبي مع الاعجاز العلمي والبياني في قصة هلاك قوم شعيب عليه السلام

nephrons
8 min readOct 4, 2021

--

نُشر حديثا نتائج بحث علمي رصين في مجلة علمية مرموقة (الرابط) استغرق 15 عشر سنة من الدراسة العميقة وباستخدام أحدث التقنيات لبيان أسباب الهلاك المفاجىء والدمار الشامل الذي حل بقرية تل الحمام قبل حوالي 3600 سنة في منطقة الغور قرب وادي النبي شعيب في الاردن

وخلصت الدراسة الى أن السبب كان تفجر جرم سماوي كبير على ارتفاع عدة كيلومترات في سماء المنطقة بقوة تفجيرية تفوق مئات المرات قوة قنبلة هيروشيما النووية مما أدى إلى موت سكان القرية وعددهم 8000 نسمة بالكامل، بالإضافة إلى تدمير القرى المجاورة (تل نمرين، تل كفرين، أريحا) بقطر 25 كيلومتر وعدم ملائمة المنطقة للعيش بعدها وهجرها لمئات السنين

كما أكدت الدراسة أن لا سبيل لإحداث هكذا دمار بتأثير أي كارثة طبيعية أرضية كثوران بركان، أو إعصار أو زلزال، ولا بنتيجة عمل بشري ناتج عن حرب أو إحراق متعمد لأن درجة الحرارة تجاوزت 1500 درجة مئوية. وبالعودة الى المصادر التاريخية والجغرافية يتبين أن قرية تل الحمام تقع شمالي البحر الميت قريبا من وادي النبي شعيب ومقامه

وهو عليه السلام الذي قطن المنطقة في نفس الفترة الزمنية قبل 3600 سنة، في حين أن هلاك قوم لوط في منطقة سدوم وعمورة كان في منطقة نائية جنوب البحر الميت وقد وقع قبل ذلك بمئات وربما آلاف السنين مما ينفي إمكانية أن يكون الحدث لقوم لوط عليه السلام أو لغير قوم شعيب وذلك لموافقات أربع: الزمان والمكان والكيف والسبب وموافقته للرواية القرآنية الكريمة بالاضافة إلى ندرة الحدوث. وبمراجعة قصة هلاك قوم النبي شعيب عليه السلام حسب المصادر الدينية وأهمها القرآن الكريم يتبين أن القوم كانوا يرتكبون الجرائم الاقتصادية الكبرى من قطع طرق التجارة والسرقة والغش والإفساد وتطفيف الموازين والكذب وغيرها ولذلك أرسل الله سبحانه إليهم رسوله شعيب الحكيم البليغ الناصح الأمين الذي نصحهم وحاورهم وذَكّرهم بالله وبأيامه وبهلاك من كان قبلهم من أقوام كعاد وثمود، فما كان منهم إلا أن استهزؤوا به وآذوه وكذبوه وهموا بقتله رجما

وكان من جملة جحودهم واستهزائهم أن تحدوه وتحدوا الله سبحانه أن يسقط عليهم كسفا وقطعا من السماء تهلكهم ليثبت لهم صدق نبوته، وكانت هذه هي نهاية المطاف إذ أمر الله سبحانه نبيه شعيب أن يغادر المنطقة مع من معه من المؤمنين فقد حان وقت هلاك الظالمين المعرضين، وكما روى ابن كثير فقد أصابهم ابتداء حر شديد لا يطاق لعدة أيام، ثم رأوا بعدها تشكل سحابة كبيرة داكنة فوقهم وقد حجبت الشمس الحارقة عنهم، فاستبشروا وخرجوا ليستظلوا بها ولكنها أسقطت عليهم حمما وقطعا ملتهبة أحرقتهم وأهلكتهم جميعا في يوم شديد أليم سماه القرآن الكريم بيوم الظلة أي السحابة التي أرادوا أن يستظلوا بها

وقد ذكر القرآن الكريم بالترتيب أن منهم من هلك بالرجفة في سورة الأعراف، وهم سكان القرية المركزية (دارهم: وهي تل الحمام)، ثم ذكرت سورة هود أن جماعة منهم هلكوا بالصيحة وهي الصوت الشديد المرتفع وهم سكان القرى النائية (ديارهم: في تل نمرين وأريحا)، وأخيرا ذكرت سورة الشعراء عذاب يوم الظلة الأليم المديد، وهذا هو الترتيب المنطقي للأحداث الناجمة عن انفجار الجرم الكوني فوقهم

أمواج الرجفة الناتجة عن شدة الصوت أعلى من 194 ديسيبل وارتدادها كانت السبب الرئيس في دمار تل الحمام

ونستعرض هنا الآيات الكريمة التي ذكرت الحادثة

في سورة الأعراف أولا ذكر الرجفة في الدار، وهي التجمع السكاني الرئيسي في تل الحمام، ثم في سورة هود ذكر الصيحة في الديار

الآية 94 من سورة هود فيها يذكر القرآن الكريم لونا مختلفا لإهلاكهم وهو صوت شديد مرتفع سماه الصيحة أدت إلى هلاكهم وسقوطهم صرعى على وجوههم جاثمين، ثم أخيرا في سورة الشعراء

،في الآية 191 من سورة الشعراء قوم شعيب يتهموه بالكذب ويتحدوه أن يسقط عليهم قطعا من السماء ليهلكهم فيتحقق ذلك بما سماه القرآن الكريم بعذاب يوم الظلة وهي سحابة داكنة عظيمة أظلتهم وأسقطت عليهم حجارة ملتهبة وحمما أهلكتهم جميعا

ثم في الآية 37 من سورة العنكبوت تعود لتذكر لنا هلاكهم بالرجفة والتي أدت الى نفس النتيجة سقوطهم على وجوههم جاثمين

والسؤال المهم المحوري هو هل هلك القوم بطرق متعددة للهلاك أم أنها جميعا أوجه متعددة لنفس السبب؟

تُجمع التفاسير وتراجم القرآن الكريم على أن القوم قد أهلكوا بطرق متعددة تمثلت بالسحابة التي قذفتهم بالحمم الملتهبة، وبالرجفة التي فسرت على أنها زلزال عظيم وهذا ما ينفيه تماما البحث الجديد فلا أثر لحدوث هزة أو زلزال، وبالصيحة التي غالبا ما كانت تعزى إلى صيحة جبريل عليه السلام، وهنا بيت القصيد حيث يتبدى المظهر الإعجازي الفائق لهذه الواقعة والتي انكشفت أسرارها بفضل هذه الدراسة الحديثة جدا والتي فسرت كل شيء ووضعت النقاط على الحروف لأول مرة في التاريخ، في مظهر إعجازي غيبي علمي بياني مذهل بديع، فلا يمكن لبشر حتى تاريخ نشر هذه الدراسة أن يفبرك من خياله، أو يتوهم، أو أن يعرف حقيقة ماجرى، لأن انفجار الجرم السماوي ونتائجه كانت حدثا غيبيا لم يؤرخ، وهو وحده الذي ممكن أن يفسر كل ما حدث وترتب بنتيجته من مظاهر متعددة للهلاك كالرجفة والصيحة وسحابة الدخان الداكن التي أظلتهم ثم أحرقتهم، وكل ذلك مشابه تماما لما حدث في سيبيريا في روسيا عام 1908 عندما انفجر جرم سماوي أدى الى نفس النتائج ويسمى

Tunguska Siberia asteroid blast

ولبيان ذلك يمكن مراجعة تفاصيل حادثة سيبيريا والتي شعر فيها الناس من بُعد عشرات الأميال بحرارة شديدة وكأن النار تشتعل في ثيابهم، كما أدت الموجات الإرتجاجية للصوت (310 ديسيبل عند النقطة صفر، و 170 ديسيبل على بعد عشرات الأميال) إلى انكسار وسقوط ملايين الأشجار وتسويتها بالأرض في مساحة واسعة من غابات سيبيريا ولحسن الحظ كانت المنطقة غير مأهولة بالسكان ولم تسجل وفيات تذكر

إذن فإن هذا الكشف العلمي الحديث يحل لنا خفايا هذا اللغز التاريخي الغيبي، مع ملاحظة أن البحث الحالي أهمل ولم يركز ويسجل تأثير الأمواج الإرتجاجية في المركز، والأمواج الصوتية القاتلة في القرى النائية، في حين سجلها القرآن الكريم بإيجاز معجز بديع

إن تفجر جُرم سماوي فوق منطقة مأهولة هو حدث نادر جدا، وأن يأتي في قرية تل الحمام مباشرة عقب تحدي القوم لنبيهم ولربهم محال أن يكون صدفة، ويتجلى به إعجاز علمي لغوي يستحيل أن يحيط به بشر، وهو استخدام لفظ الرّجفة مع الدار، والصيحة مع الديار

ولبيان ذلك نبين هذه الحقيقة العلمية الدقيقة من خلال الجدول التالي والذي يدرج شدة الأصوات من الأخفض الى الأعلى حتى يصل الى درجة وعتبة الصوت 194 ديسيبل الفاصلة بين درجة الأمواج الصوتية دونها، والامواج الارتجاجية فوقها

والتفسير العلمي الدقيق لذلك هو أنه عند درجة الصوت 194 ديسيبل وفوقها يتشكل فراغ بين الأمواج، ولأن الصوت لا ينتقل في هذا الفراغ فلا يجوزعندها تسمية الأمواج بالصوتية، بل تسمى الإرتجاجية، وقد عبر عنها الجدول أعلاه بتغيير لون الأرقام من الاسود الى الاصفر (انظر الاسهم البيضاء)، وكما ميزهما وفصل بينهما اللون في الجدول أعلاه فقد ميزها وفصل بينها القرآن الكريم بالكلمة فسمى الأمواج الصوتية بالصيحة، وسمى الأمواج الارتجاجية بالرجفة، فكانت الرجفة مع درجة الصوت الأعلى من 194 في نقطة الصفر فوق تل الحمام، وكانت الصيحة في القرى البعيدة حيث انخفضت شدة الصوت عن عتبة 194 فناسبها أن يسميها القرآن الكريم (احتراسا) الصيحة، فهل يمكن أن يكون هذا غير كلام رب عظيم عليم خبير لطيف؟ سبحانك اللهم لا

وفي حين أن هذا البحث العلمي الموثق الجديد يظهر لنا جانبا من الإعجاز المتعدد الوجوه والمتكامل للقرآن الكريم، الكتاب الخاتم الخالد المحفوظ بحفظ رب العالمين، فإنه بالمقابل يظهر لنا وبوضوح دامغ حقيقية التحريف المشين الذي أصاب الكتب المقدسة لأهل الكتاب وذلك في قصة دمار مدينة أريحا سنة 1550 قبل الميلاد والذي ترافق تماما مع دمار تل الحمام (أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين) بسبب انفجار الجرم الكوني في سماء المنطقة وما نتج عنه من أمواج صوتية عاتية أدت إلى تصدع وسقوط الجدر المزدوجة الحصينة المنيعة للمدينة وهلاك كل كائن حي فيها، فأراد أهل الكتاب كما يبدو أن ينسبوا إلى قائدهم الجديد بعد موسى عليه السلام وهو يوشع بن نون (جاشوا) معجزة إلهية يسطرونها في كتبهم التي حرفوها، فادعوا كما يظهرفي الفيديو القصير التالي أن أسوارأريحا المزدوجة المنيعة انهارت، وأن سكانها قد هلكوا بصيحة جنود جيش جاشوا، وأن الله سبحانه قد وهبها لهم هدية بدون قتال، وذلك في تشويه خطير للقصة الحقيقية خاصة وقت حدوثها فحسب المراجع التلمودية قد حدثت عام 1400 قبل الميلاد وهي الفترة الزمنية لجاشوا، أي بعد 150 سنة من دمارها الحقيقي وهجرها كما تؤكد الدراسة الحديثة وتنفي تماما إمكانية أن تكون قد تدمرت عام 1400 ق.م، حيث كانت أصلا في هذه الفترة خاوية على عروشها مدمرة ومهجورة من السكان واستمر ذلك بعدها لمئات السنين كما أظهرت وأكدت دراسة الطبقات الأرضية للمنطقة

فدمار أريحا علميا حدث عام 1550 قبل الميلاد بالصيحة الناجمة عن انفجار الجرم الكوني في زمن شعيب عليه السلام وحسب الرواية القرآنية ، وحدث عام 1400 قبل الميلاد بصيحة جنود جيش جاشوا حسب الرواية التلمودية المستحيلة والمتناقضة مع نتائج البحث العلمي، ولذلك فهذه دعوة صادقة لعلماء أهل الكتاب القائمين على البحث أن يلتزموا الحياد والمنهج العلمي في تفسير النتائج ولا يخلطوا الأموربمحاولة إسقاط نتائج هذا البحث الهام على هلاك قوم لوط عليه السلام والذي حدث قبل ذلك بمئات السنين في منطقة قريبة جنوب البحر الميت وله آثاره وشواهده في سدوم وعمورة بغور الصافي، وإغفال وطمس كل الدلائل والشواهد التي تؤكد حدوثه لقوم شعيب عليه السلام وذلك لورود القصة فقط في القرآن الكريم ولعدم ورودها عندهم في التوراة والإنجيل، علما أن هامش الخطأ في أبحاث الكربون المشع لا تتجاوز خمسين إلى مئة عام في أقصى التقديرات

من محاورة شعيب عليه السلام لقومه وتذكيرهم بهلاك قوم لوط في منطقة قريبة منهم

هذا والله سبحانه أعلم وأحكم، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

لفهرس المواضيع الرجاء الضغط هـــــــــــــــنــــــــــــا

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

--

--

No responses yet