لطائف رسم القرآن الكريم والكتاب الحكيم
هذه اللطيفة من أجمل لطائف الرسم القرآني المميز وأعجبها, فقد استبدل الحكيم الخبير حرف السين بحرف الصاد ليظهرويؤكد لنا معنى جليلا أراده سبحانه كما نرى في الآيات التالية والتي وردت فيها الكلمة يبسط حيث تكررت في كامل القرآن الكريم 10 مرات كتبت 9 مرات كالمعتاد هكذا (يبسط) بحرف السين ومرة واحدة باستبدال السين بالصاد هكذا (يبصط) فما الحكمة الظاهرة لنا من ذلك
ففي الآية من سورة البقرة أعلاه والتي تميزت استثناء باستبدال حرف السين بحرف الصاد تؤكد الآية الكريمة ما للمتصدق والمنفق من ماله في سبيل الله من أجر متحقق مضاعف أضعافا كثيرة في الدنيا والآخرة فالمقترض والضامن هو الله سبحانه فجاءت كلمة يبسط الدالة على عطاء الله سبحانه المضاعف على غير المألوف باستبدال حرف السين الرقيق الخفيف وهو من أحرف الترقيق والإستفال والهمس بحرف الإستعلاء والتفخيم الصاد الثقيل نطقا السمين رسما (يبصط) ليدل على هذا المعنى من مضاعفة وتثقيل أجر المتصدق في حين أن كلمة يبسط المقرونة بالعطاء والرزق الدنيوي المعتاد في كل الآيات التسع التالية إنما تصف رزقا دنيويا يكثر أو يقل (يبسط أو يقدر بمعنى يضيق الرزق) لكل عبد حسب اختيارومشيئة الله سبحانه لحكمة هو يعلمها ولا يلزمه سبحانه أي التزام أو ضمان بواسع العطاء تجاه أحد كما ألزم نفسه بالآية الأولى تجاه المتصدقين
ففي كل آيات الرزق والعطاء الدنيوي تؤكد الآيات أن هذا العطاء هو ابتداء من الله ومقرونا بمشيئته, أما العطاء ثوابا وأجرا للصدقة فلم ترد كلمة المشيئة ملازمة له وكأنه قرض ودين يلتزم الله سبحانه بأدائه لهذا العبد المتصدق وما أروع التعبير القرآني يقرض الله قرضا حسنا والذي لا أعلق عليه وإنما أترك لأذواقكم استشعار جماله ودلالاته والله سبحانه أجل وأعلم وأحكم والحمدلله رب العالمين